االرجل العدراء
لم يخلق حتما للمرأة العاطفية المتعطشة أبدا إلى عبارات الوجد
و الهيام , و إذا قدر لهذه المرأة أن تقع في حب رجل من هذا النوع
فلا بد من أن تتحول نارها يوما إلى صقيع بسبب برود مظهره و
نظرته
المادية و فكره البعيد عن الوهم و
الخيال . لكن واقعيته هذه أكثر ما
تتناول حياته الفكرية و ليس مستحيلا بالتالي جره إلى العلاقة
الطبيعية التي تنشأ عادة بين الرجل و المرأة . إلا أنه في الحب لا
يشبه روميو جولييت ولا قيس ليلى لجهله فن البكاء و
التحرق و اللوعة
, و لتفضيله وسائل التعبير الأقرب إلى الحياة العملية كحسن المعاملة
و الرعاية و الإخلاص .
يبدو هذا الرجل أول وهلة كأنه صنع من الفولاذ و
الثلج في آن واحد ,
و مع ذلك هناك و
سائل تساعد على غزو قلبه المنيع , إلا أنها غير
الغنج و الملاحقة و
العداء و الإصرار و
جميع الطرق الأخرى التي تسلكها
المرأة عادة في الحب . تدور الأمور التي يهتم بها الرجل الذي ينتمي
إلى برج العذراء حول نوع الحب لا كميته , لذلك قلما يقع فيه . وإذا
وقع بصورة جادة سرعان ما ينكشف له حظه العاثر في هذا الميدان
فيحاول دفن عذابه في عمله , و يزداد بعده عن الناس , و
يضاعف
الحيطة و الحذر كي لا يقع مرة أخرى .
إن سلاح المرأة مع هذا الرجل الصبر و التأني و
الحذر . هذا من ناحية
, و من ناحية أخرى لتعلم أن الطهارة شيء مقدس في نظره و
أن حياة
العزوبة ليست ثقيلة عليه كما يعتقد . فإذا وضع القدر بعض العراقيل
على طريق زواجه حاد عنه و بقي عازبا عن قناعة و
رضى . يتمتع في
الوقت ذاته بسحر خفي لا يوصف . لا أحد يعلم بالضبط كيف و
متى ينجذب
نحوه الآخرون و لكن الجميع يعلمون أن أكثر القلوب مناعة يهوي تحت
ضغط جاذبيته الشديدة . و تنطوي شخصيته على الفكر الحاد و
المادة
الصلبة . و بما أنه متواضع و
محب للتحليل و الاختبار في الوقت نفسه
يصعب عليه إقامة علاقات جسدية بحتة , فهو مترفع حتى في القضايا
الجنسية , و الحب عنده أقرب إلى الطهر منه إلى الشهوة . كل ذلك
بالإضافة إلى أن ميله إلى النقد يجعله يواصل البحث طويلا قبل أن
يجد فتاة أحلامه . و بكلام آخر إن تحريك هذا الإنسان على الصعيد
العاطفي وحده صعب إن لم يكن مستحيلا و خصوصا لأن في وسعه العيش
وحيدا طوال حياته دون أن يشعر بأي حنين إلى شريكة العمر التقليدية
.
بعض مواليد برج العذراء يقيمون العلاقات الجنسية المحضة من باب
الفضول فقط , و لكي يثبتوا لأنفسهم أنهم كاملوا الرجولة , لكن ما
أن يتأكد لهم الأمر حتى يقطعوا كل علاقة من هذا النوع و
يتحولوا إلى
ما هو أسمى و أجدى . أما في الحب الحقيقي فكل مواليد برج العذراء
تقريبا صادقون أوفياء لا يسعون لتبديل أو تغيير . من الحسنات التي
اشتهروا بها في الزواج اهتمامهم بأبسط الأشياء إرضاء لزوجاتهم ,
و بذل كل الجهود لإزالة العقبات من طريقهن و
الحفاظ على الروابط
العائلية ما دامت لا توجد أسباب وجيهة تدعو إلى عكس ذلك . و
مع أنهم
ليسوا شديدي الغيرة إلا أن العزة و الكرامة تقودانهم أحيانا إلى
الطلاق .
يفضل مولود برج العذراء المرأة التي تعني ببيتها و
مطبخها و نظافة
أولادها . لا يهمه كثيرا أن يرزق أولادا , لكن إذا ما جاءوا
أحسن رعايتهم و تربيتهم و
بث فيهم الخلق الرفيع و الفكر السامي
و المواطنة الصحيحة , وهم بدورهم يأخذون عنه حب الثقافة و
احترام
العلم و الآداب . لكن يخشى أن يقوم بين هذا الرجل و
بين أولاده مع
الوقت جدار من البرود و الجفاء لا لسبب سوى تردده في إظهار الحب
و الحنان .
مهما تكن عيوب هذا الرجل يبقى عنده من الحسنات و
القيم ما يكفي لكي
يشعر جميع نساء العالم بالغيرة و الحسد تجاه الزوجة التي اصطفتها
فكره و قلبه
المرأة العذراء
يخطئ الذين يتوقعون من هذه المرأة الضعة و
الطهارة بصورة دائمة إذ
ينسون أو يتناسون أنها – قبل كل شيء آخر – أنثى مفطورة على الضعف
و القوة و الحسنات و
العيوب و ذلك على الرغم من المعاني السامية التي
ينطوي عليها رمزها الذي هو العذرية . هذه المرأة على الرغم من
حيائها الفطري كفيلة بملاحقة أهدافها و التشبث بسعادتها و
حقها في
الحياة ولو اضطرت إلى هجر بيتها و زوجها و
أولادها . إن ما يدفعها
إلى بعض تلك المواقف المتطرفة هو في الواقع إيمانها بالصدق و
كرهها
الشديد للرياء مع أنها من فئة النساء اللواتي يعطين للمجتمع أهمية
و مكانة . فكل تصرف من قلبها لا يرضى عنه مجتمعها يشعرها بالخجل
و الأسى , ومع ذلك ترفض التراجع عن أي قرار تؤمن عن حق أنه عين
الصواب .
المرأة في برج العذراء عاطفية واقعية في آن واحد , تسعى لذروة
الكمال في كل أعمالها على الرغم من سلبية بعض صفاتها . فهي تعتقد
مثلا – عن يقين تام طبعا – أنها أكثر النساء كفاءة تقريبا و
أقدرهن على التنظيم , كما تؤمن بعبث كل جدل يثيره الآخرون معها
و ذلك لتمسكها بقراراتها و
آرائها . و يمكن القول إن الاعتراف بالخطأ
لغة تجهلها هذه المرأة مع أنها تتمتع بمهارة خاصة في تمييز الصدق
من الكذب . عنادها في الواقع لا يجارى مع أنها تبدو في الحالات
العادية طيبة دمثة الخلق إلى أبعد الحدود .
المرأة في برج العذراء تتمتع أيضا بصفاء الفكر و
نقاء السريرة و إن
لم تكن ساذجة إلى الدرجة التي يعتقدها البعض . إنها على العكس
بعيدة عن السذاجة يصعب جرها إلى شرك الكلام المنمق المعسول ,
و مقابل ذلك يتم حديثها دائما عن تهذيبها الفطري و
تتسم جميع
تصرفاتها بالنبل و التواضع و
ذلك على الرغم من الإعجاب و الثقة بالنفس
المعروفين عنها . هذا و يحق لها أن تعجب بنفسها لأنها جميلة
الصورة , ذكية الملامح , سريعة الخاطر , في ضحكتها جرس موسيقي عذب
و في عينيها صفاء عجيب . يداها الماهرتان تتقنان الأعمال و
خصوصا تلك التي تتعلق بخيرات الأرض كزراعة الأزهار و
قطف الفاكهة و طبخ
أصناف الحب , حتى عجن الدقيق و
خبزه في البيت .
من أحب الهوايات إلى نفسها المطالعة و الموسيقى و
المسرح و مختلف
المهرجانات الفنية , و هي في جميع هذه الميادين دقيقة الملاحظة
سريعة البديهة تعطي رأيها بتجرد تام , و توجه النقد بأسلوب سلس عميق
. تكره القمار و السبق و
جميع الهوايات التي يدخل فيها عنصر المغامرة
و التبذير .
تستطيع امرأة برج العذراء أن تكون زوجة مثالية تشارك رجلها همومه
و متاعبه فلا يشعر بالقلق و
التوتر اللذين يصيبان عادة صاحب
المسؤوليات المتعددة و الأحمال الثقيلة . و
الحقيقة أن في شجاعتها
النادرة و قدرتها على مواجهة المسؤوليات أفضل عون لزوجها . هذا
بالإضافة إلى إخلاصها الذي لا يتزعزع , إلا لأسباب قاهرة و
خارجة عن
إرادتها , فإذا شذت عن الطريق السوي لا تلبث أن تعود إليه تائبة
مستغفرة , و إذا لم تعد كان معنى ذلك أنها اختارت طريقا جديدا يكفل لها الصراحة و
الصدق تجاه نفسها و تجاه الآخرين .
وفي ميدان الأمومة مواهب هذه المرأة كثيرة , منها اللطف و
الحزم
و الاهتمام بالقواعد الغذائية و
الصحية السليمة و المبادئ الخلقية
الرفيعة . أولادها يلجئون إليها في الأوقات العسيرة و
يستمدون من
صفائها و ابتسامتها الشجاعة و
التفاؤل .
يقال إن فضل هذه المرأة على زوجها كبير من نواح ثلاث على الأقل :
أولا تحرص على ماله و رزقه , ثانيا تحافظ على أسراره , و
ثالثا تنظم له أعماله . لو أردنا إضافة ناحية رابعة لا غير لقلنا أن هناك
أيضا ابتسامتها التي تنسيه الهموم حقا .